قطاع الشمال والإباحية السياسية!!

وتأتينا الأنباء تترى من قاهرة المعز بحل الحزب الوطني الديمقراطي الذي ظل حاكمًا لمصر لعقود من الزمان إلى أن أُطيح به مع الرئيس السابق حسني مبارك وكذلك مصادرة ممتلكاته وإعادة مقارّه للدولة، أما هنا فإن نظامنا السياسي المهترئ وحالة الإباحية والسيولة السياسية التي تسود حياتنا.. أما هنا فإنه يُتاح ويُباح للحركة الشعبية ولعرمان والحلو وعقار أن يظلوا جاثمين على أنفاس السودان الشمالي حتى بعد أن تقرر أن ينفصل جنوب السودان ويذهب إلى حال سبيله بعيداً عن الشمال بعد مسيرة الدماء والدموع التي عاشها أتعس زوجين في التاريخ!!
نعم، يُتاح لعرمان والحلو وعقار في بلاد الإباحية السياسية أن يظلوا في السودان الشمالي يتآمرون ويسعون لضمّ أرض الشمال إلى دولة أخرى يوالونها على حسابه ويقدِّمون قيادتها قيادة عليهم وهل أدل على ذلك من قيام عرمان بارتكاب ما لا يمكن لعنزين أن ينتطحا أو يتعاركا حول كونه خيانة عظمى... خيانة تجعل هذا الرويبضة السفيه يذهب إلى أمريكا خصيصاً ليطلب منها أن تواصل تطبيق العقوبات على الشمال بعد أن يغادره الجنوب وتستجيب الإدارة الأمريكية ويصرح مسؤولوها بأن العقوبات ستُرفع عن الجنوب وستستمر في الشمال!!
خيانة تجعل عبد العزيز الحلو نائب رئيس قطاع الشمال بالحركة الذي يشغل عرمان أمينه العام وعقار رئيسه.. تجعل الحلو يترشح ليصبح والياً لجنوب كردفان حتى يضم حال فوزه أبيي إلى جنوب السودان.. خيانة تجعل الحلو يدشن حملته الانتخابية على يد قيادات جنوبية فيها ربيكا قرنق وجيمس واني إيقا رئيس المجلس التشريعي لجنوب السودان.. نعم ربيكا وجيمس واني هما اللذان دشنا حملة الحلو بالرغم من أن الحركة الشعبية تقاتل بالناب والمخلب لكي تضم أبيي التي هي جزء من ولاية جنوب كردفان.. تضمها إلى جنوب السودان!!
إنها الإباحية والسيولة السياسية التي تجعلنا نتردد في حل حزب عميل لدولة أخرى لا يمكن بأي حال مقارنته بالحزب الوطني الديمقراطي الذي تم حله في مصر بالرغم من أنه لم يكن عميلاً لدولة أخرى ولم يسعَ إلى ضمّ أرضٍ مصرية إلى دولة أجنبية؟! إباحية تجعلنا نُحجم ونجبُن عن إقامة حدّ الحرابة على هذا العرمان بتهمة الإفساد في الأرض والحرب على الله ورسوله!!
هل أنتم متفائلون قرائي الكرام أننا يمكن أن نتعافى من هذه الأمراض المزمنة التي لا شك أنها أكثر فتكاً من السرطان؟!
نعم.. لقد تخلصنا من عبء الجنوب «وترلته المنفِّسة» لكني أقولها بصدق إن معركتنا لم تنتهِِ مع أذناب الجنوب وعملائه فهلاّ شمّرنا عن ساعد الجدّ حتى نقضي على آخر الأورام السرطانية التي لا تزال تنهش في أجسادنا؟
الفهم قسمة ونصيب!!

٭ وجّه ثلاثة أو أربعة من ضباط القوات المسلحة هجوماً ضارياً على شخصي على خلفية كلمات ناقدة للفريق محيي الدين أحمد عبدالله الذي كان قد وجّه كلمة لأبناء الجنوب وهم يغادرون القوات المسلحة السودانية رأيتُ فيها تجاوزاً للشأن العسكري إلى السياسي بما في ذلك حديثه عن وحدة قادمة يتوقون إلى عودتها من جديد بين الشمال والجنوب وانحرف بعضُهم وهم يخوضون معركة في غير معترك إلى القول بأنني ذكرت أن العسكريين ليسوا مؤهلين للتعاطي في السياسة؟!
ما كنتُ أود أن أتعرض لهذا الأمر مجدداً فقد اعتدتُ على أحاديث الإفك التي لا أُعير من يلِغون فيها كثير اهتمام خاصة وأن ما كُتب كشف لي أن بعض الخائضين لم يقرأوا ما كتبتُ أو ربما لم يفهموه لكن حديثهم عن أني أزدري العسكريين هو الذي دفعني إلى التوضيح سيما وأن بعضهم وصفني بالملكي «تبخيساً» وهو شرفٌ لي لا أملك أن أردَّه أو أنفيه؟!
بالله عليكم يا هؤلاء ألا تعلمون أن الرجل الثاني في منبر السلام العادل هو الفريق إبراهيم الرشيد الذي يحتل في نفس الوقت منصب المدير العام لصحيفة «الإنتباهة» وشركة المنبر؟! كيف يجوز أن يشغل الفريق إبراهيم منصب النائب الأول لحزب سياسي ونحن نُنكر أن يتعاطى العسكريون السياسة؟!
من يا هؤلاء خصصوا للقوات المسلحة صفحة أسبوعية «مجانية» في أكثر الصحف توزيعاً في السودان وهل تظنون أن ذلك تم دون علمي أو رغم أنفي؟! من غيرُنا فعل ذلك وأيهما أكثر تأثيرًا وخدمة للقوات المسلحة: صحيفتكم بتوزيعها المحدود أم «الإنتباهة» المتغلغلة في المجتمع السوداني بكل فئاته؟!
من غيرُنا تصدّى للسفهاء من الذين كانوا ولا يزالون ينتقدون القوات المسلحة من أمثال الحاج وراق الذي قال إن جنودها «كانوا يتعلمون الرماية في بطون الحوامل من النساء» من «زرزر» هذا السفيه وأسكته بوابل من الزفرات غيرنا؟!
من خصص صفحة أسبوعية أخرى إلى جانب صفحة «قدامى المحاربين» سمّاها «في ساحات الفداء» للحثّ على قيم الجهاد والشهادة متعرضاً لسيرة العظماء من شهداء القوات المسلحة والمجاهدين ومن غيري طالب قبل أيام بنقل رفات شهداء القوات المسلحة في توريت إلى الشمال حتى لا يُساء إليهم بعد الانفصال؟!
الذين كتبوا وخاضوا في هذا الإفك لمجرد أننا انتقدنا رجلاً يأكل الطعام ويمشي في الأسواق ظنًا منهم أنه كبير على النقد نسوا أننا انتقدنا من هو أعلى منه مقاماً «عسكريًا» وسياسياً فقد كتبتُ قبل نحو شهر منتقدًا تصريحًا للرئيس حول علاقة الشماليين بالجنوبيين كما وجهت هجومًا عنيفاً لوزير الدفاع عقب غزو قوات المتمرد خليل إبراهيم لمدينة أم درمان، وأقول لكم مجدداً إن قائدكم المحبوب هذا أخطأ خطأً فادحًا بتعرُّضه لأمرٍ ليس جزءاً من تفويضه ويمكنكم استعراض ما قال مما نشرتموه في صحيفتكم فهلاّ كففتم عن المزايدة!! أما كوننا ذكرنا اسمه في مرة واحدة خلال المقال بدون أن يسبقها ذكر رتبته العسكرية فماذا يفيد ونحن نذكر الرئيس البشير بدون أن نسبقها بالمشير ثم هل يُجيز القانون للعسكريين «أثناء الخدمة» الاشتغال بالسياسة؟!