دستور الجنوب.. الحقيقة والوهم

{ بارك مقتل إمام التوحيد والجهاد الشيخ المهندس أسامة بن لادن كلٌّ من الرئيس الإسرائيلي شيمون بريز ورئيس الوزراء الإسرائيلي إيهود باراك و الرئيس الأمريكى «الدمية الصهيونية الانجلو *** نية» باراك أوباما. وبالطبع وفي مثل هذه الظروف سيعلن معمّر القذافي مباركته لاستشهاد بن لادن.
ويوم استشهاد بن لادن يبقى يوم «عيد عدواني» لكل من اليهود والأنجلوساكسون ودمياتهم ومجانين العظمة. ولكن تبقى العبرة بالسؤال لماذا حارب بن لادن المصالح الأمريكية واليهودية؟! ولماذا أعلن الجهاد في قادة الصهاينة والأنجلو ساكسون؟! ولماذا رفع الحديث الشريف شعاراً وهو «اطردوا اليهود من جزيرة العرب؟!.. ولماذا قال لن ينعم الأعداء بالأمن ما دام لم ينعم به الفلسطينيون في أرضهم؟!
والشيخ الموحّد المجاهد بن لادن يمكن أن يكون قد مات منذ فترة، ويمكن أن يكون قد قُتل في هذا الوقت الذي أُعلن فيه مقتله ويمكن أن يكون على قيد الحياة، لكن مجرد إعلان مقتله من قبل الإدارة الأمريكية ومع ذلك إعلان تعاون الحكومة الباكستانية في عملية قتله في المنطقة التي كان مخمّناً وجوده فيها، فهذا له تكلفته العالية جدًا وهي التي ستظهر ملامحها في مقبل الأيام، وواشنطن نفسها تعلم من وراء بن لادن، وإلى أي مدى هم مستعدون لأخذ الثأر له بوصفه رمزاً للجهاد من أجل تحرير المسلمين من طغيان وصلف الإرهابيين الصهاينة والانجلوساكسون نعم، إنه في سبيل قتل بن لادن ونائبه الجرّاح الكبير الدكتور أيمن الظواهري.. قد سقط بنيران العدو الأمريكي أعداد ضخمة من الضحايا الأبرياء وتقترب هذه الأعداد من المليون ضحية برئ، أما من قُتلوا في مبنى التجارة في أحداث سبتمبر 2011م وعددهم ثلاثة آلاف فقد كانوا خسائر ملازمة بخلاف الآلاف الذين يستشهدون باستمرار جراء القصف الإسرائيلي في فلسطين، والقدس أيام صلاح الدين الأيوبي لم تحرر باتفاقيات ومفاوضات وإنما كان التحرير بالجهاد وبإعلانه وباعتماده كعنصر مهم في إستراتيجية تحرير الأرض المسلمة.. المهم في الأمر هو أن استشهاد بن لادن بعد قضاء عمره يمكن أن يكون ضارة نافعة جداً في مشروعه العظيم الذي يهدف إلى تحرير المسلمين عقديًا وجغرافياً وثقافياً من أعدائهم، ولكن ستجد واشنطن أنها تواجه تحدي إعلان مقتل بن لادن وهو أكبر من تحدي تنظيم القاعدة الذي يقوده بن لادن، لفترة طويلة خمد نشاط هذا التنظيم، وربما انشغل مؤخراً بمتابعة حالات التغيير في الوطن العربي، وبالطبع مثل هذا التغيير يأتي في اتجاه تقليص نشاطه الجهادي في منطقة باعتبار أن الحالة السياسية فيها تمضي ـ ولو ببطء ـ في تحسين ملموس من شأنه أن يقلل من بُعد المسافة بينها وبين مشروع «القاعدة» التحريري.
دستور الجنوب والخلاف
استمرار الخلاف بين الحركة الشعبية والأحزاب الجنوبية حول وثيقة دستور دولة الجنوب الجديدة يبقى حالة أسوأ موعودة على الصعيد السياسي هناك، ما دام أن حتى في حالة الاتفاق حول الوثيقة ستكون الحالة سيئة لاحقاً بسبب انتهاك الدستور من قِبل الحركة الشعبية، فهي صاحبة سوابق في الانتهاكات الدستورية، وقد انتهكت الدستور الانتقالي الذي وقّعت عليه الحكومة السودانية وها هو بيتر عبدالرحمن سولي الذي كان قبل الاستفتاء أكثر الجنوبيين تمسكاً بالانفصال، ها هو ينسحب من لجنة الدستورر التي مثل فيها حزبه ضمن منبر الأحزاب الجنوبية، ويقول بأن الحركة الشعبية لم تتواضع للاتفاق معهم حول قضايا دستورية جوهرية. لكن الحقيقة هي أن الجنوب في هذا الوقت لا يليق معه دستور مثل بقية الدول المستقرة والتي تقودها حكومات قدر المسؤولية القيادية، فما معنى صياغة دستور حتى لو حظي بالاتفاق مع وجود مشكلات أمنية لا تسمح بتوفير إرادة سياسية، والمشكلات هناك ليست مثل ما في دول الأزمات الأمنية وإنما هي شيء أكثر من هذا، ثلاثة تمردات ومشكلات قبلية حادة. واستقطابات نارية.. فما معنى الدستور في هذا الوقت إذن؟! هل سيكون فقط حبراً على ورق؟! ألم تتنكر لحقوق المسيرية التي أقرها الدستور؟! فهي إذن مستقبلاً ستتنكر لحقوق الإستوائيين وغيرهم وسيبلع بيتر سولي لسانه الذي طالما سخر به من الشمال ومن الوحدة بين بلاده والشمال.
سودان جديد في ولاية
شعارات الحركة الشعبية في جنوب كردفان تتحدث عن السودان الجديد رغم الانفصال المدوِّي الذي أُعلن مؤخراً قبل الانتخابات التكميلية، فلو كانت الانتخابات قبل الاستفتاء لكان من الطبيعي أن يُرفع هذا الشعار الموهوم الذي تتكئ خلفه خزعبلات كانت هي آلية استقطاب بعض أبناء جبال النوبة وغيرهم من أبناء جنوب كردفان للحركة الشعبية. نفس هذه الخزعبلات يبدو أنها مازالت وراء ساتر « شعار السودان الجديد».. وإلا فهل عبد العزيز الحلو هو مرشح الرئاسة الآن حتى تكون الشعارات هي «السودان الجديد»؟! هل سيزحف الحلو إذا فاز إلى الخرطوم لإقامة «السودان الجديد» القائم على تلك الخزعبلات؟! ليكن الحديث إذن عن «جنوب كردفان الجديدة».. وإن كان مولانا أحمد هرون ـ وهذا واضح ـ قد جعل منها ولاية جديدة من حيث التنمية والخدمات والآمال التي ستصبح بإذن الله أفراح المستقبل. ولذلك دعونا من حكاية السودان الجديد في إطار من ضمن «15» ولاية..