تشتيت الأصوات لصالح هرون

يبدو أن نتيجة انتخابات جنوب كردفان التكميلية قد باتت متوقعة جداً أنها لصالح مرشح المؤتمر الوطني مولانا أحمد هرون بحكم ـ على الأقل ـ تشتت أصوات أنصار الحركة الشعبية بين عبد العزيز الحلو والثائر تلفون كوكو أبو جلحة هذا على الأقل، وحتى لو لم يستطع أنصار تلفون أن يُدلوا بأصواتهم في جو من الحرية ومناخ من الديمقراطية، فهم بالطبع لن يمنحوا أصواتهم لمرشح الحركة الحلو، هذا سبب قوي جداً ولا حاجة معه لتزوير الانتخابات إذا افترضنا كما تفترض الحركة الشعبية أن المؤتمر الوطني سيزوِّر هذه الانتخابات، أضف إلى ذلك الأعداد الهائلة لأنصار المؤتمر الوطني بمناطق غرب كردفان، بما فيها مجموعات قبائل المسيرية في غير منطقة أبيي، أما التي في أبيي فهي بكثرتها تبقى صاحبة كسب نتيجة الاستفتاء في تبعية منطقتها إلى الشمال.. وكل هذا يعني أن يكون الاهتمام أكثر بحماية الأمن والاستقرار حين إعلان النتيجة، نتيجة الانتخابات التكميلية بجنوب كردفان، وقد رشحت مؤخراً أخبار بتهديدات أطلقتها الحركة الشعبية تتوعد فيها الشمال بأن تكون الأوضاع الأمنية فيه صورة من التي في جنوب السودان تحت حكم الحركة الشعبية، والحركة الشعبية بهذا النهج غير المسؤول والذي يدل على أنها ليست جديرة بأن تقود دولة متوترة أمنياً في جنوب السودان كأنها تردد قول الشاعر أبو فراس الحمداني:
معللتي بالوصل.. والموت دونه..
إذا مت ظمآناً.. فلا نزل القطر..
وأبو فراس الحمداني قد ناقض نفسه بقوله في قصيدة أخرى قائلاً:
ولا تملك الحسناء قلبي كله..
وإن شملتها رقة وشباب..
ولكن الحركة الشعبية ملكت قلبها ولاية جنوب كردفان وكأن من حاربوا معها من أبناء هذه الولاية هم شباب كل هذه الولاية، شباب كادوقلي والدلنج والفولة والمجلد وغيرها، والحركة الشعبية مثلما رأت أن مجرد التحاق مجموعة صغيرة من دينكا نقوك بها يعني تبعية كل منطقة أبيي الى الجنوب بكل أغلبيتها الشمالية ورغم أنف الحدود الجغرافية، فإنها بنفس منظارها السقيم ترى الآن كما يبدو أن مجرد مجموعة من جبال النوبة حاربت إلى صفوفها يعني أنها تستحق أن تحكم ولاية جنوب كردفان بكل كثافتها السكانية ومناطقها العديدة والمختلفة وهذا «مزاج» غريب فهو مزاج وليس شيئاً آخر.
والي سنار وغرور الشركة
قال والي سنار المهندس أحمد عباس إن إدارة شركة كنانة مغرورة جداً، وقال إنها تسيطر على 26% من مساحة الولاية، وقال إن الشركة طلبت زراعة عشرة آلاف فدان وقامت بإرسال مسّاحيها دون علم ولايته وتم إلقاء القبض عليهم، وهي تجاوزت مساحة العشرة آلاف فدان وزرعت ثلاثة وعشرين ألفاً، وإنهم مصرون على اتباع الطرق القانونية. إذن إصلاح بيت الإنقاذ من الداخل يتواصل مسلسله من البرلمان إلى حكومة سنار هذا بعد مشروع طرح الخمسة والستين ملفاً للفساد، وتكون بهذا المنهج الشفّاف الكشاف هذه الحكومة ذات معارضة ذاتية فالمتعافي يرحب بالقضاء ووالي سنار أحمد عباس يلوح باللجوء إلى القضاء، والقضاء السوداني يعتز بأن يقف أمامه حتى رئيس الجمهورية، فهو قضاء شريف جدير باللجوء إليه لمحاكمة أية جهة حكومية سواء كانت «وزارة أو بنك أو شركة أو أمن أو جمارك».. وبالعودة إلى حديث المهندس أحمد عباس، فإن غرور كنانة ربما كان نابعاً من سكَّرها الذي يباع خارج السودان بسعر أقل من سعره داخل السودان. لكن في نهاية المطاف يبقى مشروع كنانة سودانياً وتبقى أراضي ولاية سنار سودانية، ويبقى المستفيد من مزيد من الإنتاج هو المواطن السوداني.. أما الغرور فهو بعيد عن دنيا المواطن البسيط سواء في سنار أو النيل الأبيض، ولذلك يبقى لا معنى له مثل هذا الكلام الذي يقول بأن عشرين مواطناً من ولاية سنار ذهبوا إلى إسرائيل، وقال أحمد عباس نفسه إنه كلام لا معنى له. وحتى لو لحكومة أحمد عباس حق قانوني، ولها قضية ليست «مطرشقة» مثل قضية التقاوي الفاسدة كما قال المتعافي، فإن أهم حق للمواطن السوداني هو أن توسع له الدولة بقدر المستطاع مساحات الإنتاج وخطوطه في المزارع والمصانع، ولا يهم بعد ذلك الغرور واتباع الطرق القانونية، فهذا ربما يهم أحزاب المعارضة التي تطالب بالموجود وتتجاهل غير الموجود.
قبل استدعاء البرلمان
يقول الدكتور محمد ياسر كنفاني وهو طبيب وباحث وكاتب صحفي أيضاً يقول بأن ولاية كسلا داهمها من بعض دول الجوار نوع جديد من طفيلي الملاريا يسمى «رستانت إسترين» وعلاجه نادر جداً من حيث النوع، وهو لذلك يناشد جهات الاختصاص الإسراع إلى احتواء هذه المشكلة الصحية قبل أن تتفاقم. إذن إذا ثبت هذا الأمر فإن وزارة الصحة الاتحادية مطالبة بأن تقوم بواجبها قبل أن تُستدعى الى البرلمان الذي أصبح بعد انتخابات أبريل الماضي محكمة شعب حقيقية بخلاف البرلمانات السابقة.
ربط ومصادفة
ربط كثير من الناس إعفاء صلاح قوش مستشار الرئيس للشؤون الأمنية من منصبه بمؤتمره الصحفي الذي رد فيه على تصريحات لمساعد الرئيس الدكتور نافع، رغم أن خبر الإعفاء لم ترد فيه أسباب الإعفاء بشكل واضح أو غير واضح، ولكن هل بالضرورة أن يكون هذا الاستنتاج صحيحاً؟!. ربما هناك سبباً صادف هذا الوقت، ثم إن الذي أعفى مستشار الأمن هو الرئيس وليس مساعد الرئيس.