يفتح الله يا سلفا كير!!

ورد في صحيفة «ألوان» المانشيت التالي: «سلفا كير لا يستبعد إقامة كونفدرالية بين الشمال والجنوب»!! إذن فإن سلفا كير وقيادات الحركة الشعبية بدأوا قبل أن تقوم دولتهم في «الفنجطة» وذرف الدموع السخينة ولطم الخدود وشق الجيوب على قرارهم بالانفصال!!
يا سبحان الله... من أجبركم على اتخاذ قرار الانفصال؟! ألم تقوموا بمحض إرادتكم باتخاذ القرار رغم أن قبيلة الـ «...» في الشمال بذلت الغالي والنفيس وحشدت حتى الأطفال ولم يتبقَّ لها إلا أن تحشد الأغنام للصلاة من أجل الوحدة التي اختُرع لها فقه جديد سُمِّي صلاة الحاجة للأطفال؟!
يفتح الله يا سلفا كير.. «خلاص البرة برة والجوة جوة» وسبق السيف العذل، فقد أراحكم الله منّا بعد عقودٍ من الكراهية والدماء والدُّموع وأراحنا منكم فدعونا بالله عليكم نرتاح قليلاً من أي حديث عن الوحدة التي أُهدرت في سبيلها الموارد وسُفكت في سبيلها الدماء بالرغم من أنها لا تستحق أن نضيِّع في سبيلها قرشاً واحداً ولا أن نفقد قطرة دم واحدة ناهيك عن فقدان أعزّ وأعظم أبناء هذه الأمة، فقد كانت وحدة مستحيلة تلك التي تجمع بين القط والفار في عش زوجية واحد!! لم يتبقَّ لنا إلا إفرازات العلاقة القديمة التي ينبغي أن نسعى لإنهائها بالتي هي أحسن بعيداً عن الاحتراب والمخاشنة، وليت القائد سلفا كير يعمل على إزالة أسباب التوتر التي تتمثل في أولاد قرنق الذين يصرون على إحياء مشروعهم الميت المسمّى «السودان الجديد» من خلال التشبُّث بأرض الشمال ومن ذلك مثلاً ولايتي النيل الأزرق وجنوب كردفان اللتين تعتبران أخطر إفرازات نيفاشا بعد الانفصال مع بؤر التوتر الأخرى مثل أبيي.
يعلم سلفا كير ويعلم أولاد قرنق من أبناء الجنوب وخاصة باقان ــ ولا أقصد شيوعيي الحركة الشعبية من الشماليين ــ يعلم هؤلاء أن أجندتهم المتمثلة في «صناعة» جنوب مستقر تتعارض تعارضاً تاماً مع أجندة عرمان والحلو وعقار وغيرهم من بقايا وأتباع وعملاء الحركة الشعبية الذين ما انتظموا فيها ابتداءً إلا لتسخيرها من أجل تمكينهم في الشمال مما جعلهم يبكون الوحدة ويقيمون من أجلها سرادق العزاء، ولذلك على باقان الذي فصل أجندته ـ مستخدماً براغماتية عُرف بها ـ عن أجندة قطاع الشمال ومضى نحو دولته تاركاً شيوعيي الشمال في العراء تماماً كما فعلت الحركة وهي «تربط» التجمع الوطني الديمقراطي خارج قاعة نيفاشا بعد أن امتطته حتى أوصلها إلى الباب.. أقول على باقان أن يعمل على الحفاظ على دولة الجنوب بعيداً عن استعداء الشمال.
نصيحتي التي أبذلها مخلصاً ـ وأقسم على ذلك ـ أن مستقبل الجنوب وسلامه واستقراره يكمُن في التعاون مع الشمال بعيداً عن أجندة رفاق الأمس ممن يريدون توريط الجنوب في حروب طاحنة مع الشمال من أجل خدمة أجندتهم، ويعلم سلفا كير وباقان أن الجنوب الوليد لا طاقة له ولا قدرة على خوض حرب جديدة ـ وهو لا يزال طفلاً يحبو ـ من أجل الآخرين، وبمقدور الشمال أن يُلحق به الكثير من الأذى خاصةً وأن أوضاعه الداخلية وصراعاته القبلية تُتيح مناخاً ملائماً للتدخل.. فهلاّ غيَّر سلفا كير وباقان من إستراتيجية العداء للشمال من أجل استقرار دولتهما الوليدة وهلاّ جلسا مع الشمال مستبعدين أجندة عرمان تماماً كما جلسا في نيفاشا مستبعدين أجندة التجمع الوطني الديمقراطي!!
كذلك فإن أولاد أبيي في الحركة أصغر وأحقر من أن يخوض الجنوب الوليد من أجلهم حرباً لا قِبل له بها ومن مصلحة الجنوب التوصل إلى حل مع الشمال في شأن أبيي التي يعلم سلفا كير وباقان أنها تقع شمال حدود عام 6591م، وبالتالي هي شمالية ولا مجال للمساومة حولها.
أقول للرئيس البشير: إن الإنقاذ تسلمت الشمال كاملاً وهي مسؤولة عن تسليمه للأجيال القادمة كاملاً.. أما الجنوب فليس جزءاً من أرض الشمال ولا مسؤولية عليه عن الاحتفاظ به ولذلك ينبغي أن توجِّه رسالة قوية للحركة الشعبية بأن تبتعد عن اللعب بالنار من خلال تبنّي أجندة أولاد قرنق من الشيوعيين الذين يسمون أنفسهم بقطاع الشمال وإلا فإن للشمال أوراقه الكثيرة التي يستطيع أن يوظفها في سبيل رد الصاع صاعين.. فهلاّ تخلت الحركة عن عقار والحلو والرويبضة عرمان وهلاّ ابتعدت عن التدخل في الشأن الشمالي، خاصة ولايتي جنوب كردفان والنيل الأزرق!!