باقان فقد المنطق..!!

إذا كان هناك من يرى أن مشروع السجل المدني والرقم الوطني المغني عن الجنسية قد جاء متأخراً، فإن الذي تأخر هو انفصال الجنوب عن الشمال، وأن السجل المدني والرقم الوطني إذا لم يتأخر إلى ما بعد الانفصال كان عدم تأخيره سيكلِّف الشمال عملاً إضافياً لحصر الشعب الشمالي، والآن يمكن أن يغني الرقم الوطني عن الجنسية التي أصبحت الآن تلقائياً مزدوجة، وبقي حسم مشكلة «العملة المزدوجة» بالعودة إلى الدينار الذي ألمحت «الإنتباهة» في وقت سابق خلال عمود إسحق فضل الله إلى العودة إليه تفادياً لمشكلة نقدية قد تقف وراءها في جنوب السودان سلطات الحركة الشعبية، إذن فإن الرقم الوطني والعودة إلى الدينار من أهم عناصر امتصاص إفرازات الانفصال السالبة ولكل دواء آثار جانبية يمكن احتواؤها بالموجهات الطبية.. وها هي آثار «دواء الانفصال» الذي اختاره شعب الجنوب «لداء الوحدة».. مشكوراً .. ها هي آثاره الجانبية تجد الاحتواء من مختلف المؤسسات الشمالية فهي مثل عملية الجراحة تحتاج إلى الهدوء في الأعصاب وعدم التوتر، فما نحن إلا بشر أتينا في مرحلة من مراحل التاريخ الإنساني منذ أن هبط آدم عليه السلام إلى الأرض.. «هل أتى على الإنسان حين من الدهر لم يكن شيئاً مذكوراً».. وقد يأتي زمان تكون كل شعوب إفريقيا بدين واحد وبشرة واحدة ولغة واحدة، أما الآن فإن الأحياء من البشر أكثر ما يهمهم هو أن يتوفر لهم الأمن بواسطة الدولة، وما دون ذلك يمكن أن يستغنوا عنها فيه، فها نحن نرى المدارس الخاصة والمستشفيات الخاصة، وغيرها من المؤسسات الخدمية والاقتصادية الخاصة، لكن مثلاً موضوع الاستفتاء والاعتراف بنتيجته لا يمكن أن يكون من سلطات الإدارة الأهلية إذا اعتبرنا أن من دواعي الأمن لشمال السودان هو انفصال الجنوب وإلغاء الجنسية، فيمكن إلغاؤها مثلما تم إلغاء العملة الآسيوية الإفريقية، وكان بديلها العملة البريطانية التي ترمز إلى الاحتلال البغيض عام 1898م. المهم فكرة «الرقم الوطني» قد كان تأخيره حميداً، أو هي فكرة جيدة جداً تتطلبها مرحلة ما بعد انفصال الجنوب.
حليمة «الأطباء» عادت
هل من الممكن إعداد فريق من الأطباء الذين لا يضربون مراعاة للمرضى الأبرياء يقومون بملء فراغ الذين يُضرِبون تنفيذاً لأجندة وسياسة متقاطعة مع أطماع شخصية في دولة فقيرة وميزانيتها معلومة ومفهومة؟! نعم مثلما تحرض الأجندة السياسية القائمة على «تطميع» بعض الأطباء فيما هو فوق طاعة الدولة، ليت الأجندة الوطنية تحرِّك أيضاً تحرِّك الأطباء «جناح ملائكة الرحمة» حتى وإن كانوا خارج العمل الحكومي، تحرِّكهم نحو ملء الفراغ الذي يتركه الأطباء«جناح تحالف الأحزاب المعارضة»، هذه الأحزاب نفسها إذا وصلت إلى الحكم، فلن تستطيع أن تنفذ كل ما تطلبه، وستقدم نفس الأعذار التي تدفع بها الحكومة الآن إلى أجهزة الإعلام، أي إذا خلفت هذه الأحزاب المؤتمر الوطني في الحكم، فسترث أيضاً كل أعذاره في كل القضايا التي تستوقد منها المعارضة الآن نار الإضرابات. ومشكلة الأطباء قبل الثورات العربية كانت قد تلاشت بتعهدات حكومية مجدولة لكن يبدو أن الثورات العربية جعلت حليمة المعارضة تعود لعادتها القديمة.. «حيلمة عادت لعادتها القديمة».
وثيقة السلام وأغنياء أمريكا
قال الدكتور أمين حسن عمر رئيس الوفد الحكومي المفاوض في دارفور بأن وثيقة سلام دارفور لن يتجاوز التوقيع عليها شهراً.. ولكن يبقى السؤال هنا: كم من الوقت يمكن أن يكون بعده حل مشكلة دارفور نهائياً على الأرض وفي الإعلام وفي أحزان عيون أهلها الذين ينتظرون عودة الأمن والاستقرار والعيش كما كان الحال قبل التمرد هناك؟! والسؤال هذا لا نطالب الحكومة بأن تجيب عنه بعد أن أثبتت لنا ولغيرنا أنها قامت تجاه حرب دارفور بواجبها كحكومة، ولا نوجهه إلى حركات التمرد التي ظلت تحارب دون توقف والتي عادت إلى الحرب من جديد، وذلك لأنها تحت أعين سيادة المجتمع الدولي لا يمكنها تحديد متى ستنتهي الحرب نهائياً.. ولكن فقط نوجه السؤال إلى واشنطن مباشرة، فإذا قالت إن مشكلة دارفور استنفدت أغراضها في سياستها الخارجية التي تخاطب بها أغبياء الداخل الأمريكي، فهذا يعني أن المشكلة بالفعل انتهت، لكن إذا كانت الخطابات الانتخابية في الولايات المتحدة الأمريكية مازالت في حاجة إلى أن تستمر مشكلة دارفور لاستدرار عطف الأغبياء دافعي الأصوات والضرائب.
نضال من أجل الفساد
الحديث عن الفساد في هذا الوقت يشير إلى أصحاب النضال الأبطال من أجل دارفور، أربعة ملايين جنيه «بالجديد» قُدِّرت بأنها حجم الفساد بالسلطة الانتقالية لدارفور في عهد رئيسها مني أركو مناوي وهذا ما كشفه مدير الإعلام السابق بالسلطة الانتقالية سيف الدين صالح هرون.. وتحدث عن صرف مرتبات لأسماء وهمية. وسؤالنا: هل هذا هو ثمرة النضال من أجل دارفور؟.. وحتى الأموال الموجهة لتنمية دارفور التهمتها نيران هذا الفساد.. فهل كانت الحرب من أجل هذا الفساد؟ نعم لدارفور قضية بل قضايا، لكن الذين تمردوا وقادوا التمرد لم يكونوا مؤهلين وجديرين بتبنيها، ولكن البركة في من منحهم شعب دارفور ثقته وهاهم يعملون من أجلها بالحكمة والموعظة الحسنة.
«ونسي» نفع واستنفع
أمام المهندس أسامة ونسي رئيس المجلس الأعلى للشباب والرياضة مسؤولية تربية شباب السودان لكنه بذكاء واضح آثر أن يشرك معه الغير من خارج وزارته لتحمل هذه المسؤولية وهو أسلوب ديمقراطي تقره قاعدة «بارك الله في من نفع واستنفع».. نفع بتربية الشباب واستنفع بان لا يُلام مستقبلاً.
نلتقي الأحد بإذن الله