قصة أول وفد شعبي سوداني يغيث الشعب الليبي

استنفار
دكتور أسامة توفيق رئيس الوفد الطبي العائد من ليبيا، بعد الشكر والثناء لله تعالى أن يسر لهم الاسباب لمؤازرة الشعب الليبي في الأوقات العصيبة التي يمر بها، قال: لدى ادراكنا للمشكلات الصحية التي يواجهها الشعب الليبي تنادينا في المؤسسة الصحية الوطنية، عبر مجموعة من المنظمات الطوعية للنظر في الامر، لا سيما أن لنا تجارب سابقة في غزة وغيرها، ولم تكن لدينا خلفية عن الاوضاع في ليبيا سوى معرفتنا بوجود إشكالات طبية هناك، لذا رأينا أن نرسل وفد مقدمة لإجراء التقييم الطبي والإنساني اللازم، وانطلق الوفد وقوامه خمسة اطباء، تحركوا في«16» مارس الفائت عبر مصر، وتقدر المسافة بين القاهرة وبنغازي بـ «1500» كلم تقريباً بالبر. وفي القاهرة تناهى لمسامع الوفد وجود إشكالات تعوق دخولهم إلى ليبيا، لأسباب تتعلق باشتراك قوات حركة العدل والمساواة مع قوات القذافي باعتبارهم مرتزقة، وازداد الأمر سوءا بعدم إبراز بعض الفضائيات لموقف حكومة السودان من الحظر الجوي على ليبيا بصورة سليمة، ولم يضعف ذلك من عزيمتنا، فقمنا باجراء اتصالات واسعة استنادا للخبرات المتوافرة لدينا في العمل الإنساني، وعندما وصلنا معبر السلوم بصحبة «35» طناً من المواد الإغاثية، فوجئنا بأن السودانيين واليهود ممنوعون من دخول ليبيا، وكانت هذه صدمة بالنسبة لنا، إلا أننا تمكنا من إقناع المسؤولين على الحدود بأهدافنا الطبية والانسانية، فتم ترحيلنا من مساعد «أول نقطة داخل الحدود الليبية» الى طبرق ــ ولم نستلم جوازاتنا ــ وفيها التقينا بعضو المجلس الانتقالي الليبي عثمان المجيد، ووجدناه متفهماً لطبيعة الزيارة، وثمن موقف الشعب السوداني، واستضافنا في «هوتيل» فخم ، حيث استلمنا جوازاتنا. وفي اليوم الثاني توجهنا صوب البيضاء، وهناك شُرفنا بمقابلة رئيس المجلس الانتقالي مصطفي عبد الجليل الذي استقبلنا استقبالاً كريماً، وحملنا تحاياه للسودان شعباً وحكومة. وفي حديثه الينا أخبرنا أن السودان تضرر من القذافي أكثر مما تضررت منه ليبيا، ولما أشرنا للرئيس عبد الجليل بأمر السودانيين، اصدر توجيهات مباشرة بفتح الأبواب أمام أي سوداني يريد الدخول الى ليبيا.
واسترسل د. توفيق ليقول: بعد ذلك أجرينا جولة على المستشفيات لمعاينة الجرحى وحصر الاحتياجات وجدولة الأولويات، كما خاطبنا الجماهير الليبية في ميدان الحرية، ودوت الهتافات لتحية الشعب السوداني. وأشار إلى أن أهداف المؤتمر ترمي لحشد الإمكانات من أدوية ومواد إغاثية وأطباء بمختلف التخصصات وكذلك الكوادر الطبية المساعدة لنصرة الشعب الليبي، فما سمعناه من قهر وظلم يتعرض له الشعب الليبي لا يساوي واحداً من بليون من القهر والظلم الذي وقفنا عليه بأنفسنا هناك عبر رحلتنا الثالثة إلى هناك، وأبدى د. توفيق شكره وتقديره للهيئة الشعبية لدعم ليبيا، ولصحيفة «الإنتباهة» وكذلك منظمات المجتمع المدني، ومنها منظمة المعارج ومنظمة الزبير الخيرية.
د. عبد المنعم علي اختصاصي جراحة المسالك البولية وعضو الوفد العائد من ليبيا، تحدث عن الصعاب التي واجهت الوفد في طريقه إلى ليبيا، وأشار لمساعدة اتحاد الأطباء العرب لهم في الدخول إلى ليبيا، وذكر أن مراكز الرأي العام لدى الشعب الليبي تتمثل في مصدرين هما قناة «الجزيرة» والميادين الليبية. وذكر أن كلمتهم التي وجهوها للشعب الليبي في الميدان غيرت من المفاهيم السالبة عن السودانيين التي تسببت فيها حركة العدل والمساواة.
أما د. مصطفى البدري عضو الوفد العائد، فقد أشار الى أن نداء الشعب الليبي اليوم هو صرخة «وا.. معتصماه». وناشد الأطباء على مستوى العالم الإسلامي والعربي وخاصة الأطباء السودانيين التوجه إلى ليبيا، التي خلت المشافي فيها من الأطباء الذين تسربوا من البلاد، لأن الغالبية العظمى منهم كانت من الأجانب. وقال إن مشافي الطوارئ وحدها هي التي تعمل، ونوَّه إلى أن الليبيين بحاجة لجميع التخصصات الطبية، إلا أن احتياجاتهم الأكبر تتمثل في بعض التخصصات الدقيقة مثل جراحة المخ والأعصاب وجراحة العظام والصدر، وبالإضافة لذلك هناك احتياجات للمعالجين والأطباء النفسانيين، فالمشافي ملأى بالشباب الذين بترت أطرافهم وتعرضوا لإصابات بليغة.
ومن جهته قال د. بابكر عبد السلام إن العمل الخيري ليس بغريب على السودان، وقدم الدعوة لرجال الأعمال وشركات الاتصال واتحاد المصارف، لمساهمتهم في الحملات والقوافل لنصرة الشعب الليبي. وأضاف قائلاً: «نحن بحاجة لشحذ الهمم لمؤازرة إخوتنا الليبيين، لمجابهة الأوضاع القاسية التي يمرون بها، ولتقوية أواصر الإخاء التي تربطنا بالشعب الليبي الشقيق».
وفي كلمته أفاد رئيس مجلس إدارة صحيفة «الإنتباهة» المهندس الطيب مصطفى بأن صحيفة «النيويورك تايمز» الأمريكية كتبت عن المرتزقة السودانيين في ليبيا، وأن فضائية «الجزيرة» أوردت صور الجوازات السودانية على شاشتها، فتضرر السودان أيما ضرر، ليس على مستوى الشعب الليبي فقط وإنما على مستوى العالم بأسره، لذلك فهو لم يجد أية غرابة في منع دخول الوفد السوداني إلى ليبيا. وذهب إلى أن السودان متهم جراء مشاركة قوات العدل بوصفهم مرتزقة في ليبيا حتى تثبت براءته. وأكد أهمية تضافر الجهود الشعبية لمحو هذه الصورة عن السودان. وتساءل «م» مصطفى بقوله: «إذا كانت تلك الجهود قد بذلت في بنغازي فماذا عن بقية المدن الأخرى، مثل مصراتة والزنتان وإجدابيا والزاوية». وشدد على ضرورة الوصول لتلك المناطق ولو عن طريق البحر، وتحدث عن أهمية استنفار كافة قطاعات الشعب السوداني لمناصرة ليبيا. وأوضح أن صناديق العون قد وُزعت على المساجد، وأن أئمة المساجد سيفردون خطبة الغد لهذا الغرض.