أبيي.. جاءنا البيان التالي!!

أخيراً قالها الصوارمي.. وقد تجاوزنا تعتعته.. قالها وأدمغتنا كانت قد تسمّرت عند قطع مفاوضات مشاكوس لتحرير توريت بعد أن دخلها الجيش الشعبي في غفلة.. وبعدها مضت الاتفاقية نحو غايات كان أعظمها ما أصاب المدافع من صمم..
وحتى لا يظنن ظان أننا دعاة حرب.. أو هواة «كوماج» .. كان لا بد أن نقلب كتاب الصبر الذي تعلمناه من الجيش الشعبي وهو يجرنا لوحله ومستنقعه.. إذ أن التوتر في أبيي بدأ بدخول قوات إضافية للحركة الشعبية خارج اتفاق برتوكول أبيي وخارطة الطريق المحددة.. ما يعني إخلالاً واضحاً بموازين القوة العسكرية وفرضاً لواقع الكثرة التي غلبت الشجاعة.. وباتفاق كادقلي الشهير في يناير من العام هذا تم استبدال قوات الجيش الشعبي الإضافية بكتيبتين من القوات المشتركة.. لكن الجيش الشعبي وإمعاناً في الاستفزاز قام بنشر قواته في كافة أنحاء أبيي واختطف ستة من أفراد القوات المسلحة وقام بالاعتداء على التجار الشماليين تحت سمع وبصر قوات اليونميس..
ثم يرتجف كتاب الصبر حين يدوِّن تعرُّض وفد الحكومة للرشق بالحجارة بحضور دينق ألور وممثل الأمين العام للأمم المتحدة، وهم كانوا في مهمة لتفعيل اتفاق كادقلي .. ولما زادت استفزازات الجيش الشعبي بالمنطقة عن حدها تقرّر سحب القوات المسلحة بالقوات المشتركة منعاً للاحتكاك حسب الصوارمي ـ والذي أشار في بيانه إلى أنه تم إخطار قائد قوات الأمم المتحدة بهذا الإجراء وتم الاتفاق على أن يكون الانسحاب بواسطة عربات الأمم المتحدة إلا إنه وعلى بعد سبعة كيلومترات من أبيي نصب الجيش الشعبي كميناً بالأسلحة الثقيلة للقوات المنسحبة ما أدى لهذا.. ونهار الجمعة الماضي.. تتنفس أبيي حرة وهي تتابع الفرار المهين لقوات الجيش الشعبي بعد أن خلفوا وراءهم عدداً من القتلى وبعض الأسلحة الثقيلة والمتوسطة..
لكن: هل نجحت الحركة الشعبية فيما كانت تعمل فكرها لتحقيقه؟ وهل اجتياح القوات المسلحة لمنطقة أبيي هو انتصار للجيش الشعبي؟ هذه الأسئلة تبدو مفاجئة حتى نزيح الستار عن دور خفي ظلت تلعبه قوات الأمم المتحدة المعروفة اختصاراً بـ«اليونميس».. ويكفي أن نشير إلى أن اليونميس قد تسلّمت بالفعل خطاب الشكر والتقدير من الحكومة وهي تطالبها صراحة بالمغادرة قبل أو في التاسع من يوليو القادم.. ما يعني انتهاء أجل التفويض في وقت تستعد فيه الأمم المتحدة لدور جديد.. والدور يفرضه بالفعل نشوب حرب بين طرفي الاتفاقية، والاتفاقية في شوطها الأخير.. إذن فالاستفزاز الذي ظلت تمارسه الحركة وجيشها المتفلِّت لم يكن محض طيش أومجرد خمرة لعبت بالرؤوس، والحقيقة هي أن «يونميس» تبحث عن وسيلة تطيل من خلالها أمد بقائها والجيش الشعبي يبحث عن وسيلة تجعل من أبيي تحت إبطه وذلك في الظروف العادية يستحيل تحققه.. وفي مناخ الحرب واشتعال بارودها تصبح أبيي تحت الوصاية الدولية في ظل وضع استثنائي يعيد للحركة الشعبية بعض أمل.. ومهما يكن الأمر.. وقد سُحبنا نحوه.. فما كان من المنتظر السكوت أكثر من ذلك حيال هذا الاستفزاز والاستهتار الذي ظل يمارسه الجيش الشعبي مهما كانت دوافعه.. وما الهزيمة التي لحقت بالجيش الشعبي وما تبعها من هلع للكتيبة الإثيوبية ذات التسليح المتقدِّم التي تتبع لليونميس وقد تم نشرها تحسباً للبند السابع.. إلا تأكيد لصواب الخطوة والبيان التالي : أبيي بدون دينكا نقوك!!