منبر السلام العادل.. ماذا بعد الانفصال..؟!

ماذا بعد الانفصال:
وعندما طرح الانفصال من قبل منبر السلام العادل كان على اسس اعمق من مشكلة الحرب بين الشمال والجنوب، وطرح على اساس انه قضية هوية بين الشمال والجنوب، واختلاف في هوية الشمال والجنوب.. فذهب الجنوب واصبح الشمال اكثر تجانسا.. خرج الفأر واصبحنا كلنا قططا او العكس صحيح ــ والحديث للطيب مصطفى- فهل رأيتم مزرعة مليئة بالقطط والفئران تعيش بسلام طبعا «لا.». وانتهى حديث الذين يقولون حديثاً فطيرا هو ان الوحدة في التنوع، وقد ثبت لهم ان الوحدة في التجانس، وكلما كان الناس متفاهمين كانوا اكثر استعداد ليعيشوا في سلام، وكلما كانوا اكثر تشاكسا صعب عليهم ان يعيشوا مع بعضهم، وحتى الرجل والمرأة اذا تحولت حياتهما الى جحيم احل الله لهم الطلاق، ولكننا حرمناه في حياتنا السياسية .. والدول الغربية حرمت الطلاق بين الازواج على الطريقة الكاثوليكية، واحلته بين الدول. وانفصلت دول كثيرة.. اما نحن فقد احل لنا الدين الواقعي الطلاق وحرمناه في حياتنا السياسية، والحمد لله ان انتهى الامر. واقول ان كل الانفصالات التي حدثت في العالم كانت طبيعية .. باكستان والهند.. يوغسلافيا، دول الاتحاد السوفيتي وانفصلت كل الدول.. تيمور.. كوسوفو.. اليمن.. المانيا التي توحدت فيما بعد.. كلها انفصلت انفصالاً طبيعياً الا عندنا فالانفصال غير طبيعي لأن حياتنا كانت غير طبيعة، والعلاقة بيننا كانت مأزومة، ولأن جون قرنق الذي قاد الحرب الاخيرة كان يحمل مشروعين، فكان يقدم الوحدة على الانفصال، ولكنه يضع خيار الانفصال بديلاً في حالة عدم سيطرة الجنوب على الشمال، والخيار الاول ان تحدث وحدة بشرط تنازل الشمال عن هويته، ويحكم الجنوب الشمال اذا رضى الشمال ان يحتكم الى هوية الجنوب، وفي هذه الحالة ليس لديهم مانع، ولكن جون قرنق هو الذي يحكم والاقلية هي التي تحكم الغالبية، اما اذا فشل هذا الامر يكون الخيار الثاني هو الانفصال.
لا مزدوجة ولا حريات ولا غيرهما:
ويواصل المهندس الطيب مصطفى حديثه ويقول: وبموت جون قرنق ضُرب مشروع السودان الجديد ضربة قاصمة، ثم جاءت الانتخابات وسقطت الحركة الشعبية وانسحبت .. وهنا اختار الجنوب الخيار الثاني بعد أن علم انه لا يمكن له أن يحكم الشمال .. واولاد جون قرنق داخل الحركة الشعبية ناس عرمان والشوعيون داخل الحركة الشعبية في الاصل انضموا للحركة الشعبية كي يركبوها لتوصلهم لحكم السودان، والشمالي الشيوعي والمنتمي للحركة الشعبية لا يريد الانفصال، فهو يريد حكم السودان الشمالي، وهذا هو الفرق بين الانفصال السوداني والانفصال في الدول الاخرى. ان الحركة الشعبية يوجد في داخلها من ينادي بالوحدة، لذلك جاء قطاع الشمال في الحركة الشعبية، وعندما انفصل الجنوب ظل موجودا بذات الافكار التي وضعها جون قرنق للسودان الجديد، لذلك خاضوا معركة جنوب كردفان والنيل الازرق، وطالبوا بالجنسية المزدوجة.. وهذه قضايا ما بعد الانفصال، فقد ارادوا ان تعطى الجنسية المزدوجة لابناء الجنوب لكي يوظفوا في خدمة الحركة وخدمة قطاع الشمال لاية انتخابات قادمة، ولكي يكونوا رصيدا سياسيا في المستقبل، وهدفهم أن يستمروا في مشاركة الشمال في ارضه بعد أخذ أرضهم وهذا ما لم يحدث في التاريخ، وليس من المنطق ان تختار الانفصال بمحض ارادتك وتأتي وتطالب بالجنسية المزدوجة.
شعبان مختلفان:
منبر السلام العادل تصدى لهذه القضية، ووجد التأييد الكبير من ابناء السودان الشمالي، واتفق الجميع على انه لا وجود لما يسمى بالجنسية المزدوجة ولا الحريات الاربع.
اود ان اسأل هل هناك تداخل بين الشماليين والجنوبيين في المناسبات المختلفة، فالحقيقة ان هناك قطيعة اجتماعية بين الشمال والجنوب، لانهما شعبان مختلفان لا تجمع بينهما روابط الشعب الواحد الذي يشارك بعضه البعض في اتراحه وافراحه، وقلنا يجب ان نعطي كلا الشعبين فرصة ليعيشا بعيدا عن بعضهما، وقد حرمنا من حق تقرير مصيرنا وهم قرروا مصيرهم ومصيرنا.
الإباحة السياسية:
ولذلك قضايا ما بعد الانفصال ان نعيش في وئام حتى نكون اكثر انسجاما، ومن القضايا ايضا القضية التي تعيشها اليوم جنوب كردفان. ومنها نتيجة الانتخابات التي فوزت احمد هارون الذي نافسته الحركة الشعبية، وهي حركة اجنبية زرعت عملاءها هنا.. فبالله باي منطق وباي قانون تشارك حركة اجنبية في انتخابات بلادنا، وهذه سميتها بالإباحة السياسية، فكيف تسمح لحركة اجنبية ممولة من دولة اخرى ان تترشح لكي تفوز ولكي تحكم ولاية من ولايات السودان الشمالي، كما حدث في النيل الازرق التي يحكمها مالك عقار المنتمي للحركة الشعبية، وظل يقاتل في صفوف الجيش الشعبي، والآن يحكم ولاية شمالية نتيجة غفلتنا، ومن غفلتنا ايضا ان يتم اعتقال قائد الشرطة في الدلنج ومعتمد الدلنج وحرق المسجد بواسطة جيش اجنبي. ويجب ألا نسمح بهذا العبث في حياتنا السياسية، وان نحمي ارضنا بقوة، والا نسمح للعملاء باستباحة ارضنا وواجب المؤتمر الوطني والاحزاب السياسية وواجب الشعب السوداني ان يحافظ على ارضه، ويجب الا تدنس ذرة من تراب الشمال من قبل هؤلاء الاجانب، هل تعلمون ان حملة الحلو الانتخابية تم تدشينها بواسطة الحركة الشعبية الجنوبية، وكيف يسمح بهذا العبث؟ اين قوانينا وقوانين السيادة الوطنية، وقضايا ما بعد الانفصال هي اعادة صياغة القوانين بما يحمى السيادة الوطنية، وحماية ارض السودان الشمالي بعيدا عن سيطرة الاجانب، ونخاطب وزارة العدل لتتحرك لايجاد تشريعات تمنع الخيانة العظمى في هذه البلاد المستباحة.
فكيف لعرمان أن يذهب لامريكا ويطلب من مسؤوليها ان يستمروا في فرض العقوبات على السودان، وهذه هي قضايا ما بعد الانفصال، كما ينبغي ألا نسمح باحتلال ارض الشمال، وأن نحافظ ونصون الدستور بما يحفظ امننا واستقرارنا على أرضنا، وقضايا ما بعد الانفصال كثيرة، ولكني اتحدث عن القضايا ذات العالقة بالحركة الشعبية ووجودها في أرضنا، فينبغي أن نتخذ الحركة الشعبية عدواً لنا، وهؤلاء يحملون جنسية اخرى وهوية اخرى، فهل تعلمون أنه بعد ذهاب الحركة الشعبية هناك واحد فقط مسيحي من ابناء النوبة واسمه ديفيد كوكو، وعشان خاطرو بعد تلاوة القرآن قال لازم تتلو الانجيل وسمحوا له هؤلاء المنبطحون.. سمحوا له وقرأوا الانجيل له، وفي فرنسا لا يفتتحون جلساتهم بالانجيل، وما نريده هو التصدي لهذا الهوان.
والآن نحن اكثر تجانسا بعد انفصال الجنوب اذا لم نسمح بما يسمى بالجنسية المزدوجة والحريات الاربع، وعملنا جدارا عازلا بين الشمال والجنوب، وبعضهم يقولون الرعاة ورحلة الشتاء والصيف، ولا توجد دولة متقدمة تجعل من مشكلة الرعاة مشكلة سياسية، ويمكن ان تعمل حظائر ومسارات للمسيرية في بلدهم ويكفوهم شر الذلة. وواجب الدولة ان تنشئ مراعي حتى لا يضطروا للذهاب للجنوب لكي يرعوا بهائمهم .
السودان أصبح أكثر تجانساً، وهذا يبشر بخير كبير. ومشكلة دارفور ينبغي أن تحل حلا سياسيا، وان نبذل الغالي والنفيس لحلها، ثم تأتي بعد ذلك قضايا السياسة الخارجية، وينبغي أن نتصدى لها بقوة ولا نسمح لدويلات صغيرة أن تتطاول علينا. وهذه هي أهم قضايا ما بعد الانفصال.